الأحد، 28 يونيو 2009

من طرف واحد





الاسفلت يموج من حولى .. فلا يكاد يظهر حتى يختفى !! والطريق مازال طويلا ومملا لا يصاحبنى فيه الا افكارى وهواجسى .. نعم هناك شئ لا افهمه ؟ شئ غامض اجهله .. وانا الذى ظننت انى اسيطر على مقدرات حياتها !! فأذا بالخوف يغزو مشاعرى .. وتهتز عروش ثقتى فيها .. حتما هى تخفى امرا وتحيطه بطى من الكتمان ومزيد من الحذر .. ولكن فاتها انى غارق فى اعماقها واقرأ قبل ان تتحدث ما يدور برأسها الجميل ..



الاتوبيس ينهب الارض نهبا .. وعيناى تحدق فى فراغ بعيد .. هناك حيث سنلتقى .. وترى عيناى عيناها وجها لوجه .. وحينئذا سوف اقرأ ما فيها واغوص رغما عنها فى اغوارها وأرى ما حرصت ان تخفيه عنى طوال مدة غيابى ...!!!


ليتنى استطيع ان انام ولو قليلا وتتوقف عقارب هواجسى عن غرس سمومها فى افكارى ..

ليتنى اغرق فيها .. فتموت واموت معها ...


وتمر الدقائق كالدهر ... بطيئة ثقيلة ... واحدق فى الفراغ البعيد واتذكر كيف كان اللقاء .. وكيف كان حبنا الكبير .. اتذكر ضحكاتنا .. آزماتنا .. وعودنا ....اتذكر عمرا بأكمله ...!!!

وها انا اتقلق فى مقعدى متأهبا وكأننى متسابقا على خط البداية ينتظر اشارة الانطلاق فقد ظهرت بشائر الوصول
انظر بعينى فى البنايات .. فى الحوانيت .. فى وجوه المارة علنى بهذا استعيد انفاسى وهدوء نفسى .. ويضيق صدرى من الزحام .. ويقف الاتوبيس مرغما لفترات طويلة ويتصبب العرق منى قلقا وكمدا ... واستعين بالدعاء لعل الزحام ينتهى ...


واقتربت محطة الوصول اخيرا .. وتوقف الاتوبيس .. وانتفضت واقفا و مزاحما من حولى من اجل بلوغ باب الخروج .. وخطوت بقدمى اسابق الزمن .. وانفاسى تعاندنى ..


ولوحت لتاكسى مقتربا .. واخبرت السائق بوجهتى .. وصار الطريق يتضاءل .. ومكان اللقاء يلوح من بعيد ..ودقات قلبى تدق فى عنف .. ووصلت اخيرا ... وغادرت التاكسى مسرعا ولم التفت للسائق الذى ينبهنى ان مادفعته كثيرا .. واجتزت المدخل فى طريقى الى المصعد .. وكان منتظرا .. وبدأت رحلة الصعود الى عيناها ... الى مكنون قلبها .. الى نهاية هذا العذاب والشك .. وفتح باب المصعد ببطء وراحت عيناى تبحث عنها فى هذا الزحام  .. وتسمرت عيناى فجأة عليها ....هناك على منضدة قريبة من النافذة .. ترتدى ثوبا جديدا لم اره من قبل ... وتعقد شعرها الجميل بطريقة احبها ... واقتربت ووقفت بالقرب منها فأنتبهت ونظرت نحوى متفاجئة فوقعت عيناى فى عيناها وانطلقت لتغوص فى اعماقها باحثة عما اريده .. لتأتى بما حرصت ان تخفيه عنى .. وانتبهت فجأة انى اراها وكأننى لم ارها من قبل .. هناك شئ غريب فى هذا الوجه .. بل انا لا اراها .. انا حتى لا اشعر بها .. احسها غريبة عنى .. حتى عيناها لم تصمد وانكسرت امام نظراتى التائهة !! ويدى الممدودة بالسلام .. ولكنى استطعت ان اقرأ 
  ما حاولت ان تخفيه ... انها نهايتنا معا ...نهاية قصة حب يائسة .. ولم اجلس واستدرت عائدا تائها مجروحا ....احاول الصمود ...بعيدا عن عيناها... ومحاولة يائسة فى صوت بعيدا خلفى يتوسل من اجل البقاء ولم يثنينى ابدا هذا الصوت عن المضى قدما فى طريق بلا عودة.